الخميس، 18 نوفمبر 2021

الصلح افضل من الصلاة والصيام


وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

هذه الايات من سورة الحجرات وهى سورة مدنية ومع قصر اياتها الا انها اشتملت على مجموعة من الاداب لم تشملها سورة سواها وبها خمس ندات للمؤمنين ونداء واحد للناس والله سبحانه يريد الطهر والاخلاق والادب للمؤمنين سواء مع الله جل جلاله او مع رسوله او مع المؤمنين بعضهم البعض او مع الناس جميعا

فجاءت الايات هنا وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا

 والاقتتال هنا لا ينصب فقط على القتال بالمفهوم العام من قتل ودماء بل ايضا يكون فى حالة الاختلاف

ومع وجود الاختلاف او الاقتتال لم يأخذ من المؤمنين صفة الايمان ولذلك قال سبحانه وتعالى وان طائفتان من المؤمنين

ان الله سبحانه وتعالى يريد استقرار المجتمع وامنه والاستقرار قد يكون من الاسرة فى الاساس والاسرة اذا استقرت وصلحت صلح المجتمع كله واذا دب خلاف مستحكم دون اصلاح كان نذير خطر على الاسرة والمجتمع

وقد يكون الاختلاف او الاقتتال خارج نطاق الاسرة بين اثنين من المؤمنين او جماعة او بلد الخ

ففى كلا الاحوال هو نزاع واختلاف يجب السعى الى الاصلاح والصلح - فالصلح خير

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطى الدرس ويعلم الامة كيف نقطع الطريق المؤدى الى العداواة والبغضاء والاختلاف فى محيط الاسرة فعلى سبيل المثال لا الحصر كان بشير بن سعد طلبت منه زوجته عمرة بنت رواحه ان يكتب غلاما او حديقة لابنه سعد بن بشير رضى الله عنهما ولما اراد بشير ان يفعل ذلك قالت زوجته لا تفعل ذلك حتى تشهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم - سبحان الله انظروا الى هذه المرأة وانظروا الى حال المرأة فى هذا العصر فقد تقول له وتلح عليه ان يفعل ذلك ولا يشهد عليه احدا ولكن هذه المرأة النقيه التقيه لها صلة مع الله سبحانه وتعالى - قالت لزوجها لا تفعل ذلك حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا حدث ؟

ذهب بشير الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له اريد ان اكتب غلاما او حديقة لابنى سعد

انظر ماذا قال له اطهر فم فقيه الانسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

هلى اعطيت اولادك كلهم مثل هذا ؟ - فقال بشير لا يا رسول الله

فاذا بالحكم يصدر من اطهر فم عرفه الوجود كأنه الشمس فى ضحاها فقال صلى الله عليه وسلم (( اتقوا الله واعدلوا فى اولادكم ))

هكذا هى مدرسة الاسلام مدرسة الايمان مدرسة المتقين والنبى صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف يكون العدل وكيف تكون التقوى فهو القدوة والمثل (( لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر ))

فالنبى صلى الله عليه وسلم يعطى مثالا لكيفية استقرار الاسرة وعدم تعرضها الى العداوة والبغضاء والاقتتال

فعلى الاباء والامهات والمسئولين على الاسرة مراعاة التعليم السليم والاخذ بهدى النبى صلى الله عليه وسلم فكلكم راع وكل راع مسئول عن راعيته - وخصوصا اننا فى هذا العصر الاب او الام مشغولة بمواقع الانفصال الاجتماعى نعم الانفصال الاجتماعى يمسك الاب او الام الهاتف وتتواصل فى ماذا الله اعلم الابن فى وادى والاخت فى وادى وكل فى حياته الخياليه بعيدا عن الواقع

هذا قبل ان تقع المصيبة ويحدث الاختلاف والاقتتال اما اذا حدث فيجب التدخل وانهاء الاختلاف والاقتتال بالعدل

وكذلك اذا كان الامر خارج نطاق الاسرة وبين شخصين او جماعة وجماعة من المؤمنين فهنا لابد من التدخل وانها حالة الاختلاف والاقتتال ورد من بغى الى الحق والصواب

لذلك عباد الله يقول الحق سبحانه وتعالى انما المؤمنون اخوة

فقول الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون اخوة هو عقد عقده الله بين المؤمنين اذا وجد خلاف بين اناس مؤمنين فى مشرق الارض ومغربها فيجب الصلح بينهم لان الاخوة تعنى ان تحب لاخيك ما تحبه لنفسك وقد امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض حقوق الاخوة

(( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا يبيع احدكم على بيع بعض وكونوا عبادا الله اخوانا ))

وقال صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا

وقال صلى الله عليه وسلم (

( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )) رواه مسلم عن ابى هريرة رضى الله عنه

انما المؤمنون اخوة

سمع المسلمون هذه الاية وفهموها فالغوا العصبية القبلية الجاهلية واقاموا الاخوة الايمانية

سمع الصحابة والمسلمون والمؤمنون حقا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( ادخل الاسلام بلالا فى نسبى واخرج الكفر ابا لهب من نسبى )) ادخل الاسلام بلالا وهو الحبشى فى نسب رسول الله واخرج الكفر ابا لهب وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسبه

ولهذا طبق الصحابة هذا الامر تطبيقا مثاليا

ففى غزوة بد ر كان من جيش المسلمين فى هذه الواقعة مصعب بن عمير رضى الله عنه وبعد انتها المعركة ليتفقد الجيش فوجد اخاه لامه وابيه وكان مشركا اسير مع نفر من المسلمين فناداه : يامصعب استوصى بى خيرا فالتفت الى المسلمين اللذين اسراه  وقال لهم استوصوا باسيركما خيرا ولا تفرطا فيه فان امه غنية وستفديه بمال كثير

فقال اخوه لامه وابيه معاتنبا اهذه وصيتك باخيك ؟

قال لست اخى وانما هؤلاء اخوتى

ولهذا امر رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقيام بحقوق المؤمنين بعضهم لبعض ومنها الاصلاح بين الاخوة فى حالة الاختلاف والاقتتال – وعليك ان تسعى ولا تنتظر طلب الاصلاح بل بمجرد ان عرفت ان هناك نزاع او اختلاف او اقتتال فعليك بالاسراع للصلح وانهاء الخلاف

الا تعلم انك لو أصلحت بين مسلمين كان خيرا لك من كل العبادات النفلية التى توجب محبة الله

كان خيرا لك من قيام الليل وخيرا لك من صيام نهار رمضان وخيرا لك من تلاوة القران

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم

(( الا ادلكم على ما هو خير لكم من الصلاة اى النافلة والصيام اى النوافل والصدقة والحج ؟ اى النوافل

قالوا وماذاك يا رسول الله ؟

قال اصلاح ذات البين ))

رواه الترمذى وابوا داوود عن ابى الدرداء

ربما يسأل سائل  انا ضعيف والخلاف والاقتتال بين اقوياء

اقول  خذ قول الله عز وجل ( ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما )

والله اعلم

العبد الفقير الى الله

صابر حجاج ياسين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق